فاعلم رحمني الله وإياك أن قراءة الفاتحة في الصلاة ركن من أركانها فلا تجزيء صلاة لم يقرأ فيها بأم الكتاب كأن يكون قد نسي فيها صاحبها قراءة الفاتحة أو أخطأ فقرأ بدلها التشهد فلا تجزيء حتى يأتي بالركعة التي أسقط فيها قراءة الفاتحة فتكون الثانية بدلها أو يأتي بعد السلام إذا نسيها بالركعة التي لم يقرأ فيها بأم الكتاب ومثل ذلك لو سها فقرأ بحرف دون حرف فكأنما لم يقرأ بها كلها أو حرف فيها فلحن لحنا جليا يغير معناها كأن يقول أهدنا ( من الإهداء ) بدل اهدنا (بالكسر مع الوصل أي دلنا على الحق والعمل به) أو إياكي ( للمؤنث ) بدل إياك
أو يخفف الياء فلايظهر التشديد (إياك ) ومعناها ضوء الشمس فيكون بمعنى أعبد ضوء الشمس وهو عكس معناها التوحيد فتقديم ماحقه التأخير في علم البلاغة والمعاني يفيد الحصر يعني لانعبد إ لا إياك
فمن أخطأ في شيء من ذلك فقد لحن لحنا جليا يحيل المعنى ويبطل الصلاة فإنه حينئذ لايكون صلى على الوجه المجزء لأنه ماقرأ بأم الكتاب فلحنه وتحريفه لحرف أو معنى فيها يجعله لم يقرأها على وجهها فمايعد أنه قرأها فتبطل ولو في ركعة واحدة
كما خرج الترمذي من طريق مَالِكٌ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ مَنْ صَلَّى رَكْعَةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَلَمْ يُصَلِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَرَاءَ الْإِمَامِ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وروى البخاري في صحيحه عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ
وينبغي ألا يمكن من الامامة الذي لايحسن قراءة الفاتحة فيلحن فيها لحنا جليا إلا أن يكون مغلوبا لعطب في لسانه فقد قال الله تعالى فاتقوا الله مااستطعتم ولكن يقدم الأفصح لقوله أقرأهم لكتاب الله والفاتحة أم القرآن
أما اللحون الخفية والتي لاتغير المعنى ولاينتج منها حذف حرف منها او استبداله وخاصة الفاتحة التي تنوعت كما يقول ابن تيمية فيها القراءات حكمة بالغة لعله تسهيلا على الامة لاصابة قراءتها فتقرأ ملك ومالك والسراط والزراط
وهذا الخطأ الذي أردت بيانه في مقامي هذا وهو التحذير والبيان للحن جليا في أم القرآن
منتشر بين العوام ولا يشعروا به
فينطقوا التاء طاءا
في قوله اهدنا الصراط
((المستقيم ))
فينطقوها
هكذا !!
((المستطقيم ))
فتظهر كأنها تاء مفخمة لايشعر بها السامع فيرد على الامام فلو نبه وتعمد بطلت صلاته لأنه لو نطق بها كذلك ماصح ان يقال أنه قرأ بأم القرآن وهي ركن في الصلاة من لم يقرأ بحرف منها فإنه لم يقرأها والله المستعان
( منقول )