السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حدثنا علي بن عبد الله حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه يعني بشدقيه ثم يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا
لا يحسبن الذين يبخلون فتح الباري بشرح صحيح البخاري
الشرح
قوله : ( مثل له )
أي صور , أو ضمن مثل معنى التصيير أي صير ماله على صورة شجاع , والمراد بالمال الناض كما أشرت إليه في تفسير براءة , ووقع في رواية زيد بن أسلم " ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره " ولا تنافي بين الروايتين
قوله : ( له زبيبتان )
تثنية زبيبة بفتح الزاي وموحدتين , وهما الزبدتان اللتان في الشدقين يقال تكلم حتى زبد شدقاه أي خرج الزبد منهما , وقيل هما النكتتان السوداوان فوق عينيه , وقيل نقطتان يكتنفان فاه , وقيل هما في حلقه بمنزلة زنمتي العنز , وقيل لحمتان على رأسه مثل القرنين , وقيل نابان يخرجان من فيه
قوله : ( يطوقه )
بضم أوله وفتح الواو الثقيلة , أي يصير له ذلك الثعبان طوقا .
قوله : ( ثم يأخذ بلهزمتيه )
فاعل يأخذ هو الشجاع , والمأخوذ يد صاحب المال كما وقع مبينا في رواية همام عن أبي هريرة الآتية في " ترك الحيل " بلفظ " لا يزال يطلبه حتى يبسط يده فيلقمها فاه " . قوله : ( بلهزمتيه ) بكسر اللام وسكون الهاء بعدها زاي مكسورة , وقد فسر في الحديث بالشدقين , وفي الصحاح : هما العظمان الفائتان في اللحيين تحت الأذنين . وفي الجامع : هما لحم الخدين الذي يتحرك إذا أكل الإنسانقوله : ( ثم يقول : أنا مالك , أنا كنزك )
وفائدة هذا القول الحسرة والزيادة في التعذيب حيث لا ينفعه الندم , وفيه نوع من التهكم . وزاد في " ترك الحيل " من طريق همام عن أبي هريرة " يفر منه صاحبه ويطلبه " وفي حديث ثوبان عند ابن حبان " يتبعه فيقول أنا كنزك الذي تركته بعدك , فلا يزال يتبعه حتى يلقمه يده فيمضغها ثم يتبعه سائر جسده "
قوله : ( ثم تلا ( ولا يحسبن الذين يبخلون ) الآية )
في حديث ابن مسعود عند الشافعي والحميدي " ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " فذكر الآية , ونحوه في رواية الترمذي " قرأ مصداقه : سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " وفي هذين الحديثين تقوية لقول من قال : المراد بالتطويق في الآية الحقيقة , خلافا لمن قال إن معناه سيطوقون الإثم . وفي تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم الآية دلالة على أنها نزلت في مانعي الزكاة , وهو قول أكثر أهل العلم بالتفسير , وقيل : إنها نزلت في اليهود الذين كتموا صفة النبي صلى الله عليه وسلم ; وقيل : نزلت فيمن له قرابة لا يصلهم قاله مسروق